احتضن المركز الثقافي الإسلامي بمدينة سيمفروبل عاصمة شبه جزيرة القرم جنوب أوكرانيا أعمال طاولة علمية مستديرة بحثت استشراف مستقبل الإقليم على أساس همومه وقضاياه المعاصرة.
وشارك بالفعاليات التي بدأت الخميس واختتمت أمس الجمعة ثلة من كبار المفكرين وعلماء السياسة والاقتصاد والمجتمع والدين القرميين، كما حظيت باهتمام رسمي واضح تمثل بحضور عدد من كبار الشخصيات السياسية في رئاسة الوزراء والحكومة القرمية، وعدد من نواب البرلمان.
وتأتي أهميتها لكونها أول اجتماع رسمي جمع المسؤولين وكبار المفكرين والعلماء بالإقليم، فبحث وناقش أهم وأبرز الهموم والقضايا الساخنة على الساحة القرمية متعددة الانتماءات العرقية والدينية والثقافية، وتأثيرها على صنع المستقبل.
الاستقلال والتبعية
وقد لفتت بعض البحوث المطروحة الانتباه إلى الواقع السياسي وأبرز ما يميز هذا الواقع بالإقليم الذي يتمتع بنظام حكم فيدرالي مستقل، سواء من حيث الحضور الرسمي القوي وشبه المسيطر للنفوذ الروسي، وضعف واضح بجسد النفوذ الأوكراني.
هذا الأمر جعل من تبعية الإقليم قضية حساسة تبرد وتسخن بتغير العلاقات بين كييف وموسكو، وقد دفع ولا يزال يدفع من وقت لآخر موضوع الانفصال عن الجسد الأوكراني أو اعتباره جزءا من الجسد الروسي.
ولفتت بحوث أخرى الانتباه إلى قضية التمتع بالحقوق استنادا إلى واقع التركيبة الديموغرافية بالإقليم الذي تعيش فيه نحو 121 إثنية جنسية وعرقية وثقافية مختلفة (حيث يشكل الروس فيه نحو 40% والأوكرانيون نحو 30% والتتار نحو 15% إضافة لـ15% من جنسيات أخرى تركية وأذرية وأوزبكية وغيرها).
وأكدت معظم تلك البحوث أن من أكبر التحديات التي يواجهها مجتمع القرم هي غياب حقوق شريحة واسعة من تركيبة مجتمع الإقليم داخله، ومن أبرزها قضية حرمان عشرات الآلاف من التتار من الجنسية الأوكرانية بعد عودتهم من بلاد التهجير وما يترتب عليها من حرمانهم من العديد من الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
الهوية والثقافة
كما طرحت بعض البحوث قضية الهوية والثقافة والدين بالنسبة لسكان الإقليم، فأكد علماء في بحوثهم أن مجتمع الإقليم يعاني من غياب مناهج رسمية خاصة تعنى بهذه الجوانب المهمة في مدارس الإقليم وجامعاته كغياب مواد وكتب التاريخ والدين مثلا بالإضافة إلى تشويه العديد من كتب التاريخ الموجودة للحقائق.
واعتبروا أن إيجاد حلول لهذه القضية كفيل بحل مشكلة انتشار التعصب والعنصرية التي بدأت تظهر الفترة الأخيرة، مع تنامي مطالب بعض الأقليات بحقوقها الثقافية وخاصة بين فئة الشباب.
أومريخينا تتيانا نائبة رئيس وزراء الإقليم حضرت الطاولة، وقالت للجزيرة نت عقب انتهاء أعمالها إن الحاجة تتنامى "لعقد مثل هذه الفعاليات العلمية والثقافية يوما بعد يوم لأننا نلمس أن المتغيرات السياسية والاجتماعية والإقليمية والمحلية باتت حاضرة بالمجتمع القرمي، ولا شك أنها ستؤثر تأثيرا كبيرا على مستقبله".
بدوره أكد الباحث بعلم التربية والاجتماع محيي الدين خير الدينوف أن "الجانب الديني والثقافي التربوي مهم جدا بالنسبة لشرائح مجتمع القرم، فعلى سبيل المثال باتت الأوكرانية بعد الثورة البرتقالية لغة رسمية تدرس بالمدارس والجامعات بعد سلسلة مطالب قدمها الأوكرانيون لحكومتي كييف والقرم".
وأضاف للجزيرة نت أن مطالب تتار القرم ما تزال "تنتظر فرجا مماثلا لتدرس لغتهم وتعاليم دينهم الإسلامي بالمدارس التي يدرس فيها أبناؤهم، وخاصة المناطق والقرى التي يعظم وجودهم فيها".
وكانت الطاولة عقدت بمناسبة يوم العلم الأوكراني برعاية وتنظيم اتحاد المنظمات الاجتماعية بأوكرانيا (الرائد) وهو أكبر مؤسسة اجتماعية أوكرانية تعني بالجاليات والأقليات الإسلامية.
الخبر كما ورد على موقع الجزيرة نت (هنا)
مركز الرائد الإعلامي