تعهد رؤساء أوكرانيا مرارا خلال السنوات التي تلت استقلالها بحلول لقضايا تتار إقليم شبه جزيرة القرم جنوب البلاد، الذين عادوا إلى موطنهم من المهجر بعد الاستقلال، دون أن يفي أحد منهم بتعهداته.
وكان النظام السوفييتي قد قتل وهجر مئات الآلاف منهم في العام 1944 قسرا إلى دول شرق آسيا وشمال روسيا بدعوى ضعف الانتماء له، وصادر ودمر معظم أراضيهم وبيوتهم ومساجدهم ومؤسساتهم التعليمية والدينية.
ثم عادوا ليبدؤوا مشوار استعادة الجنسية والأراضي والبيوت، وكذلك استعادة وبناء المساجد والمدارس، التي دمرت أو حولت إلى مؤسسات حكومية، وهو مشوار لا يزال مستمرا حتى يومنا هذا.
ممانعة
وقد أقر البرلمان عدة قوانين من شأنها حل قضايا التتار، خاصة فيما يتعلق بتسهيل العودة واستعادة الجنسية والمواطنة، وكذلك الحصول على أراضي للزراعة وبناء البيوت، بدل تلك التي صودرت منهم.
لكن القوانين لم تدخل حيز التنفيذ، والسبب - برأي التتار - هو ممانعة سلطات الإقليم (الذي يتمتع القرم بنظام حكم فيدرالي موال لروسيا) لهذه القوانين وعرقلتها حفاظا على المصلحة الروسية ومصالح الرعايا الروس الذين يشكلون أغلبية في الإقليم (40% من أصل 2.5 مليون نسمة، بينما تبلغ نسبة التتار 18%، ونسبة الأوكران 30%).
تفاعل جديد
وقد تفاعل الرئيس الرئيس فيكتور يانوكوفيتش مع هذه القضايا عقب لقاء عددا من القادة التتار خلال الأسبوع الماضي، حيث كلف رئيس الوزراء ميكولا آزاروف باتخاذ عدة إجراءات ضمن إطار حل لها، حتى بداية شهر نيابر المقبل.
ومن أبرز ما كلف به رئيس الوزراء تطبيق القرارات البرلمانية المتعلقة بعودة التتار وحصولهم على الجنسية والتمتع بالمواطنة الكاملة، وتخصيص أراضي تمنح لهم للعمل أو بناء البيوت، بدل ظاهرة "وضع اليد" على الأراضي التي تعتبر سبيلهم للعيش في الإقليم.
وأعلنت حكومة آزاروف لاحقا أنها تعد برنامجا لبناء تجمعات سكنية أشبه بالضواحي، تهدف إلى تأمين بيوت سكنية للتتار، كما تعد برنامج قروض لهم أيضا.
شكوك تترية
لكن التتار الذين رحبوا بتفاعل يانوكوفيتش وإعلان الحكومة شككوا بإمكانية أن يدخل الأمر حيز التنفيذ العملي، استنادا إلى تجاربهم الماضية مع الرؤساء السابقين.
يقول رفت تشوباروف نائب رئيس مجلس شعب تتار القرم، وهو أبرز مؤسسة تترية ذات طابع سياسي: "لم يعد التتار يكترثون بالوعود ويتفاعلون معها، فقد تعودوا عليها، خاصة عند الحاجة إلى أصواتهم الانتخابية، وشهر أكتوبر الماضي سيشهد الانتخابات المحلية".
وقال: "أنا أدعو الرئيس ورئيس الوزراء إلى تحمل مسؤولياتهم واتخاذ خطوات عملية تطبق الوعود على أرض الواقع، وتضع حلا لقضية لا تزال مفتوحة، تتعلق بطبيعة حياة نصف مليون مواطن".
يذكر أن غالبية التتار يعيشون في القرى والمناطق النائية البعيدة عن المدن والخدمات، وذلك نتيجة ما خلفته سنوات الحقبة السوفييتية لهم من مآس بعد تهجيرهم ومصادرة أملاكهم.
مركز الرائد الإعلامي