بين تقرير أعده مجلس الأمن القومي الأوكراني أن نسب انتشار الفوضى الأمنية والجرائم المنظمة في تصاعد مستمر يعيد البلاد بصور تدريجية إلى ما كانت عليه في بداية تسعينيات القرن الماضي بعد الاستقلال عام 1991.
وربط التقرير بين تصاعد النسب وما وصفه بالأمراض الاقتصادية التي تأن منها البلاد منذ سنين، التي فاقمتها الأزمة المالية العالمية وأزمات البلاد السياسية المتتابعة، وكذلك انشغال معظم القادة السياسيين بالانتخابات الرئاسية المقبلة، المقرر إجراؤها مطلع العام المقبل.
التقرير بين أن نسبة جرائم القتل والسطو المسلحة المنظمة ارتفعت خلال العام الحالي بنسبة كبيرة عما كانت عليه في العام الماضي، ففي العاصمة كييف ارتفعت هذه النسبة خلال الشهور التسعة الماضية بنحو 31% عما كانت عليه في العام 2008 كاملا، حيث استخدمت الأسلحة النارية 296 مرة، والبنادق 90 مرة، والمتفجرات 25 مرة.
وحذر التقرير أيضا من أن تشهد شهور السباق الرئاسي الثلاثة المقبلة تصاعدا مستمرا لأعمال الفوضى الأمنية ونسب الجرائم، بسبب انشغال قوات الأمن بأمن المرشحين وحملاتهم الانتخابية، وازدياد مشاعر الغضب والسخط على حكومة البلاد وقادتها من قبل شريحة واسعة من المجتمع، ترى أنهم وراء أزمات البلاد جميعها. وتوقع التقرير أن ترتفع نسب الجرائم المنظمة في العاصمة كييف (ساحة الصراعات السياسية الرئيسية) إلى 43% عما كانت عليه في العام الماضي، أي بزيادة تبلغ 83% عما كانت عليه في 2007.
وفي هذا الشأن قال بافل دانييل رئيس شركة أمن العاصمة إن معظم الشركات التجارية تشعر أن حراسة مبانيها لم تعد كافية بعد سلسلة عمليات سطو عليها واعتدائات على موظفيها، وباتت تطالبنا بتعزيز حراستها عددا وعتادا خوفا من تفاقم سوء الأوضاع الأمنية.
وقد أجرى معهد "نان" للدراسات والبحوث الاجتماعية استطلاعا للرأي في معظم المدن الأوكرانية، بين أن ثلث الأوكرانيين يعتقدون أن البلاد تقف على أعتاب ما يعرف محليا بـ "فوض تسعينيات القرن الماضي" التي حدثت بعد الاستقلال وقبل استكمال بناء الدولة والأجهزة الأمنية، وأن الأيام القادمة ستكشف عودة عصابات "المافيا" مجددا إلى شوارع البلاد.
لكن وزير الداخلية يوري لوتسينكو كان قد أكد قبل أيام أن قوات الأمن حاضرة، ولن تسمح بأي انفلات أمني يعيد البلاد إلى الوراء، وأنها ستقف في وجه كل من تسول له نفسه خرق القوانين وترويع الشعب.
وفي حديث مع مركز الرائد الإعلامي قال الخبيرة الاجتماعية في معهد "نان" ليبانوفا إللا: "نأمل أن تمر الانتخابات الرئاسية المقبلة بشكل روتيني سلس، لكن جميع المؤشرات من تصريحات وتبادل للاتهامات بين المرشحين تبين أن الانتخابات قد تكون أكثر سخونة من الانتخابات الرئاسية الماضية، هذا إن لم تشعل ثورة جديدة، وهذا ما يثير مخاوف جدية من تصاعد انتشار الجرائم وأعمال التخريب والفوضى قبلها وخلالها وحتى بعدها".
مركز الرائد الإعلامي