القدس عروس المدائن

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ

 سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ * وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ أَلَّا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلًا * ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ ۚ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا * وَقَضَيْنَا إِلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا * فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ ۚ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا.  الإسراء :1/5.

يوم الجمعة الثاني من تشرين الأول 1187 كان صلاح الدين الأيوبي جالساً امام خيمة فوق ربوة تشرف على القدس ينظر إلى جموع الصليبيين يرحلون مهزومين عن المدينة. قبل ذلك التاريخ، وتحديداً يوم الجمعة الخامس عشر من تموز 1099 كان المحتلون الصليبيون قد دخلوا إلى القدس مدينة الأنبياء والسلام وقتلوا كل سكانها عن بكرة أبيهم.
يقول مؤرخ الصليبيين مونروند: اجتمع ديوان المشورة العسكرية الصليبي وأعطى حكماً مريعاً وهو قتل كل مسلم باق داخل المدينة. وحسب شاهد عيان صليبي فقد قتل حوالي سبعين الفا من السكان.
الإبادة لم تحل لهم معضلة الاحتفاظ بالقدس، والأيام دول ( *وتلك الأيام نداولها بين الناس)* وعندما ارتفع سيف الحق الإسلامي أعاد القدس الى حضنها وعزها ومجدها.
واليوم عاد الطامعون الغاصبون الصهاينة المدعومين من الغرب بقيادة أمريكا أم الإرهاب العالمي ليغتصبوا قدسنا وأقصانا

-         من فضائل المسجد الأقصى.

1-     هو ثاني مسجد بني على اﻷرض :
قال أبو ذر :قلت يا رسول الله : أي مسجد وضع في اﻷرض أوﻻ؟ قال: المسجد الحرام. قلت: ثم أي؟ قال : المسجد الأقصى. قلت: كم بينهما؟ قال : أربعون سنة، وأينما أدركت الصﻻة فصل فإنه مسجد" متفق عليه.

2-     جواز شد الرحال إليه:
قال رسول الله : " ﻻ تشد الرحال إﻻ إلى ثﻻثة مساجد،المسجد الحرام، ومسجدي، والمسجد الأقصى "متفق عليه.

3-     مضاعفة أجر الصلاة فيه:
" الصلاة في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة، والصلاة في مسجدي بألف صلاةة، والصلاة في بيت المقدس بخمسمائة صلاة" رواه الطبراني.

4-     هو أرض المحشر والمنشر:
قالت ميمونة بنت سعد: يا رسول الله : أفتنا في بيت المقدس، فقال : أرض المحشر والمنشر،إئتوه فصلوا فيه، فإن صﻻة فيه كألف صﻻة فيما سواه، قالت : أرأيت من لم يطق أن يتحمل إليه أو يأتيه؟ قال : *فليهد إليه زيتا يسرج فيه فإن من أهدى له كان كمن صلى فيه" .

5-     قبلة المسلمين اﻷولى:
قال البراء بن عازب: إن النبي صلى الله عليه وسلم كان أول ما قدم المدينة نزل على اخواله، وأنه صلى قبل بيت المقدس ستة عشر شهراً أو سبعة عشر شهراً، وكان يعجبه أن تكون قبلته قبل البيت.." متفق عليه.

6-     القدس والحرمين رباط وثيق:

المسجد الحرام أول بيت بني على اﻷرض، ﻷن مفتاح عمارة اﻷرض من العبودية لله ، وأبرز تجليات العبودية عمارة المساجد بشرا وحجرا (إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة.. . ) آل عمران : 96. 
واﻷقصى بني بعد المسجد الحرام بأربعين سنة.
والمسجد النبوي حيث قدوة الخير والصبر والتضحية والجهاد رسول الرحمة المهداة عليه السلام.

 المسجد الحرام قبلة المصلين ،والمدينة المنورة قبلة المحبين الملتزمين نهج وشريعة محمد عليه الصلاة والسلام. واﻷقصى قبلة المجاهدين في جهادهم,  ,ومحبي السلام في العالم.

مكة ميزان علاقة العبد بربه، والمدينة ميزان علاقة العبد بنبيه،والأقصى ميزان علاقة المجاهد بربه و الانسان بانسانيته.
إنه مشهد ثلاثي الأبعاد لا صلاح للأمة الإسلامية دونه.

القدس ميزان يميز به الله الخبيث من الطيب حيث ضل الكثيرون طريق القدس ، في حين لم يستوحش الصادقون طريقها رغم قلة سالكيها.

القدس طهر، وﻻ يعيد الطهر إلى حضن اﻷمة اﻻ اﻷطهار، وفي طليعتهم المرابطون داخل المسجد الأقصى وأكنافه رغم قلة العدة والعتاد.

-        كيف نحرر القدس ؟

ولن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها،* وأقصر الطرق لعودة الأقصى وتحريره من براثن اليهود عبر اتباع مشروع صلاح الدين المتمثل بما يلي:

-         إعادة اﻷمة إلى عقيدتها الصافية ونشر العلم ومحاربة الجهل، وتثقيف المجتمع ثقافة دينية لذلك بنى المؤسسات التعليمية ومن أبرزها: المدرسة الصﻻحية، والمدرسة الفاضلية، والمدرسة الصالحية.

-         توحيد اﻷمة تحت راية الجهاد والدفاع عن المقدسات.

-         اﻻعداد و اﻷخذ بأسباب القوة،وحشد طاقات أبناء الأمة وتربية اﻷجيال على حب الدين و المقدسات. 
كان صلاح الدين يتفقد خيام جنوده، فإن وجدهم يتلون القرآن أو يقومون الليل قال: من هنا يأتي النصر،وإن وجد بعضهم يسمرون ويلهون قال: من هنا تأتي الهزيمة.

-         إرساء مباديء العدل والمساواة بين أبناء المجتمع والحرص على أمنه وحمايته من أي خطر قد يتهدده.

 قال صلاح الدين لوكيل الخزانة عنده، والذي بنى له بيتا مشرفا في الشام: إنا لم نخلق للمقام بالشام وإنما خلقنا للعبادة والجهاد، ثم قام بعزله عن وظيفته لهذا السبب.

-         تربية المجاهدين على اﻻخلاص لله:
قال عليه الصلاة والسلام للجند: ﻻ تقاتلوا عني، ولكن قاتلوا في سبيل الله (الذين آمنوا يقاتلون سبيل الله والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت).

-         توثيق العلاقة بالله: حرص على العبادة بأنواعها من صلاة وصيام وذكر.

-         طريق القدس تمر بالعدل ومحاربة الظلم ، ونصرة المستضعفين ، وطاعة الله وعبادته، ﻻ باستباحة أموال وأعراض وبيوت اﻵمنين.

-         تربية الجيل على ما ذكره القرآن الكريم وسنة المصطفى عليه الصلاة والسلام.

-         تضافر جهود الأمة وتوحيد صفها لاستعادة القدس، وهذا الواقع يفرض علينا توحيد صفوفنا تحت راية واحدة وصوﻻً لتحرير مقدساتنا.

*- حماة القدس والأقصى؟؟
القدس تعيدها عيون المرابطين في غزة والضفة وكل فلسطين.
القدس تحميها قلوب المؤمنين وأزقة الفقراء والﻻجئين.
القدس تستعيدها آهات الثكالى ودموع اليتامى وأنات اﻻرامل.
القدس تحررها الأيادي المتشابكة.
القدس حماتها أمثال خالد والمثنى، وصلاح الدين لعز بن عبد السلام.

القدس يعيدها المظلوم الذي يقارع الظالم، وهو يطالب بالحرية والكرامة والعدالة، واﻻستقامة واﻻنسانية.

-         الدور المطلوب انتصارا للقدس:

أولًا: الدعم المالي، فأهلنا في القدس يعانون معاناة شديدة، وما نرسله لهم من دعم يساهم في صد الهجمة التهويدية التي تواجههم، وتعمل هذه الأموال على تثبيتهم في أرضهم، وإيجاد مصادر دخل في مقابل حملات التهجير والتدمير والطرد والتضييق التي تعمل عليها أذرع الاحتلال.

ثانيًا: الدعم الثقافي، علينا أن نعلم أبناءنا وإخواننا وأهلينا، عن أهمية القدس، وعن أهمية المسجد الأقصى، وبأنها ليست مدينة عادية، نحدثهم عما يحصل فيها، وعن صراعنا مع الاحتلال، نحدثهم عن الأقصى، عن مساحته ومصلياته، وعن فضل الصلاة فيه، لنجعل هذا الاهتمام مشعل الحب لهذه المدينة، الذي سيحرك العمل والدعم.

ثالثًا: الدعم الإعلامي، كلنا نكتب ونتواصل على وسائل التواصل، فلنجعل للقدس جزءًا مما نشره، فلننشر ما يجري فيها، ما يقوم به الاحتلال، فلنكن منبرًا لكل مقدسي فقد ولده، ولكل منزل هدم في المدينة، لتكن أخبار القدس أولوية لنا وفي متابعاتنا وفي نشرنا ومشاهداتنا، وقد أخبرنا نبينا : "من لم يهتم للمسلمين عامة فليس منهم" أخرجه الطبراني.

رابعًا: إظهار الغضب في الوقفات والاحتجاجات، لنرسل رسالة لإخواننا، بأننا معهم نشاركهم آلامهم ومعاركهم، ورسالة للعالم بأن الأمة جميعها ستنتفض في مواجهة هذا القرار الأرعن.

كلنا مسؤول، وكلنا عليه التحرك، ولا تستصغروا حركة أو كلمة أو خطوة، في سبيل القدس فهي كبيرة عند الله رب العالمين،.

-         تحرير القدس وعد غير مكذوب.

 وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ *لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْض*ِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ *وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ* الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ۚ يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ۚ وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) النور : 55.

(وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً *وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ.  القصص: 5.

عن أبَيّ قال: قال رسولُ الله (صلى الله عليه وسلم): «بَشِّرْ هذهِ الأُمَّةَ بِالسَّنَاءِ والدِّينِ والرِّفْعَةِ والنَّصْرِ والتَّمْكِينِ فِي الأَرضِ، فمَن عملَ منهُم عَمَلَ الآخرةِ للدُّنيا لم يَكُن لَهُ فِي الآخرةِ مِن نَصيبٍ».

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يبقى على ظهر الأرض بيت مدر ولا وبر- أي: طين وشعر- إلا أدخله الله الإسلام بعز عزيز أو بذل ذليل» ابن حبان.

عن عقبة بن عامر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك»مسلم.

 ومسك الختام...

إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ ۖ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا ۚ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا... اﻹسراء 7.

وَقُلْنَا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا).  اﻹسراء 104.