الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على من بعثه الله رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه إلى يوم الدين……، وبعد:
فإن الأمانة العامة للمجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث تنتهز هذه الأيام المباركة لتدعو المسلمين قاطبة إلى الاعتصام بحبل الله تعالى ووحدة الصف ولمِّ الشمل متذكرين قول الله تعالى: "وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا" الأية 103 آل عمران .
كما نسأل الله تعالى أن يتقبَّل من الجميع صيامهم وصلاتهم وصالح أعمالهم وأن يجعل هذا الشهر الكريم شهر فتح ونصر وبركة لعباده المستضعفين فى الأرض.” إنه ولىّ ذلك والقادر عليه” .
كما تود الأمانة العامة بخصوص هلال شهر رمضان أن تؤكد على قرار المجمع الفقهي الدولي في قراره رقم (18) في مؤتمره الثالث لعام 1986م، أنه لا عبرة باختلاف المطالع لعموم الخطاب: “صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته” متفق عليه، وعلى ما صدر عن المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث في دورته التاسعة عشرة حول اثبات دخول الشهور القمرية والتي أشارت إلى:
1 – أن الحساب الفلكي أصبح أحد العلوم المعاصرة التي وصلت إلى درجة عالية من الدقة بكل ما يتعلق بحركة الكواكب السيارة وخصوصاً حركة القمر والأرض ومعرفة مواضعها بالنسبة للقبة السماوية، وحساب مواضعها بالنسبة لبعضها البعض في كل لحظة من لحظات الزمن بصورة قطعية لا تقبل الشك.
2 – أن وقت اجتماع الشمس والأرض والقمر أو ما يعبر عنه بالاقتران أو الاستسرار أو المحاق حدث كوني يحصل في لحظة زمنية واحدة، ويستطيع علم الفلك أن يحسب هذا الوقت بدقة فائقة بصورة مسبقة قبل وقوعه لعدد من السنين، وهو يعني انتهاء الشهر المنصرم وابتداء الشهر الجديد فلكياً. والاقتران يمكن أن يحدث في أي لحظة من لحظات الليل والنهار.
3 – يثبت دخول الشهر الجديد شرعياً إذا توافر ما يلي:
أولاً: أن يكون الاقتران قد حدث فعلاً قبل غروب الشمس.
ثانياً: أن يكون هناك إمكانية لرؤية الهلال بالعين المجردة أو بالاستعانة بآلات الرصد في أي موقع على سطح الأرض، ولا عبرة لاختلاف المطالع لعموم الخطاب بالأمر بالصوم والإفطار.
ثالثاً: لقبول إمكانية رؤية الهلال لا بد أن تتحقق الشروط الفلكية التالية:
أ – أن يغرب الهلال بعد غروب الشمس في موقع إمكانية الرؤية.
ب – ألا تقلّ زاوية ارتفاع القمر عن الأفق عند غروب الشمس عن (5°) خمس درجات.
ج – ألاّ يقلّ البعد الزاوي بين الشمس والقمر عن (8°) ثماني درجات.
4 – على المسلمين في البلاد الأوروبية أن يأخذوا بهذه القاعدة في دخول الشهور القمرية والخروج منها وخصوصاً شهري رمضان وشوال وتحديد مواعيد هذه الشهور بصورة مسبقة، مما يساعد على تأدية عباداتهم وما يتعلق بها من أعياد ومناسبات وتنظيم ذلك مع ارتباطاتها في المجتمع الذي تعيش فيه.
5 – يوصي المجلس أعضاءه وأئمة المساجد وعلماء الشريعة في المجتمعات الإسلامية وغيرها بالعمل على ترسيخ ثقافة احترام ما انتهى إليه القطعي من علوم الحساب الفلكي عندما يقرر عدم إمكانية الرؤية، بسبب عدم حدوث الاقتران، وأن لا يُدعى إلى ترائي الهلال، ولا يقبل ادِّعاء رؤيته.
وبناءً عليه تعلن الأمانة العامة للمجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث بخصوص رؤية هلال شهر رمضان للعام الهجري 1435هـ 2014م ، أن المعلومات الفلكية العلمية تثبت التالي:
1- أكدت الحسابات الفلكية الدقيقة أن هلال شهر رمضان لعام 1435 هـ يلد في الساعة (08) و(08) دقيقة حسب التوقيت العالمي الموحد (غرينتش GMT) من صباح يوم الجمعة الواقع في (27) حزيران/يوليو 2014 م أو ما يوافق الساعة (11) و(11) دقيقة حسب التوقيت المحلي لمكة المكرمة.
2- وتؤكد الدراسات الفلكية على إمكانية رؤية الهلال حسب الشروط التي تبناها المجلس الأوروبي للافتاء والبحوث في قراره الذي اتخذه في دورته العادية التاسعة عشرة المنعقدة في استانبول في الفترة 8-12 رجب 1430هـ الموافق 30 حزيران – 4 تموز (يوليو) 2009 من أن الرؤية ممكنة بوضوح في أغلب دول أمريكا اللاتينية وخاصة بالاستعانة بالراصدة، والرؤية غير ممكنة في الدول العربية والآسيوية.
3- وبناء على هذه الشروط : وعلى ما أكده المجلس الفقهي الدولي في قراره رقم (18) في مؤتمره الثالث لعام 1986م، أنه لا عبرة باختلاف المطالع لعموم الخطاب: ” صُومُوا لرُؤيَتِه وأفْطِرُوا لِرُؤيَته”، وكذلك مقررات الدورة الأولى للجنة التقويم الهجري الموحد المنعقدة في مدينة استانبول في الفترة ما بين (26-29 ) ذي الحجة 1389 هـ الموافق لـ (27-30) تشرين الثاني /نوفمبر 1978 م ، وكذلك ما توصلت إليه ندوة التقويم الهجري في ضوء المعطيات العلمية المنعقدة بباريس في الفترة (12-13) ربيع الأول 1433 هـ الموافق لـ (4-5) شباط/فبراير 2012 م التي حضرها ثلة من علماء الفقه والفلك ، وكان من توصياتها: ” إن قرار المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث في دورته (19) المنعقدة في استانبول من (8-12) رجب 1430 هـ الموافق لـ 30 يونيو إلى 4 يوليو 2009 م حول تحديد أوائل الشهور القمرية قرار مقبول فقهاً ومطلوب لتوحيد المسلمين في أوروبا ومحقق للأغراض المنشودة والمقاصد المطلوبة من ضبط العبادة والأعياد ، ولا سيما في هذه البلاد التي تطلب من المسلمين أن تكون أيام العطل محددة حتى يحسب لها الحساب. فهذا القرار متوافق مع مقاصد الشريعة ومصالح البلاد والعباد، وقد أثنى الفلكيون على قرار المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث باعتماد الحساب الفلكي كمنهج أساسي لتحديد بدايات الشهور، واعتبروه خطوة تاريخية مهمة في طريق إصدار التقويم الهجري الذي يسمح بتفادي الأخطاء والخلافات بين المسلمين داخل أقطارهم وخارجها، ويؤدي إلى وحدة الأمة في مجموعها.
ولا بد من الإشارة إلى البيان الختامي للمؤتمر العالمي لإثبات الشهور القمرية بين علماء الشريعة والحساب الفلكي الذي عقده المجمع الفقهي برابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة في الفترة من 19-21 ربيع الأول 1433هـ الموافق لـ 11-13 شباط/فبراير 2012 وشارك فيه عدد كبير من الفقهاء والعلماء الفلكيين ، والذي جاء في إحدى توصياته ما يلي: ( إن الحساب الفلكي علم قائم بذاته، له أصوله وقواعده، وقد كان للمسلمين فيه إسهام متميز، وكان محل اهتمام الفقهاء المسلمين، وبعض نتائجه ينبغي مراعاتها، ومن ذلك معرفة وقت الاقتران، ومعرفة غياب القمر قبل غياب قرص الشمس أو بعده، وأن ارتفاع القمر في الأفق في الليلة التي تعقب اقترانه قد يكون بدرجة أقل أو أكثر . ولذلك يلزم قبول الشهادة برؤية الهلال إلا أن تكون مستحيلة حسب حقائق العلم الصحيحة وحسب ما يصدر من المؤسسات الفلكية المعتمدة، وذلك في مثل عدم حدوث الاقتران أو في حالة غروب القمر قبل غياب الشمس. وأن تكون رؤية الهلال للأقليات الإسلامية في البلد الواحد في بعض المناطق والأقاليم رؤية لبقيتهم عملاً على توحيد صومهم وفطرهم.
لذا سيكون أول شهر رمضان لعام 1435هـ بإذن الله تعالى في يوم السبت الموافق لـ (28) حزيران / يونيو 2014 م. سائلين الله تعالى أن يستقبل المسلمون هذا الشهر المبارك وهم في خير وبركة وعزة ومنعة، وكل عام وأنتم بخير.
تقبل الله منا ومنكم صالح العمل...، والحمد لله رب العالمين...
الأمانة العامة – دبلن
08 شعبان 1435 هـ 06 يونيو 2014م