"لغة القرآن.. أضحت نافذة يطل من خلالها مثقفو أوكرانيا للتعرف على الإسلام".. بهذه الكلمات لفت الدكتور شادي شاور، رئيس قسم التنمية الإنسانية باتحاد المنظمات الاجتماعية بأوكرانيا "الرائد" إلى أهمية الدور الذي تلعبه مدارس اللغة العربية الأسبوعية التي بلغت 45 مدرسة بأنحاء أوكرانيا في التعريف بالإسلام.
وفي حديث خاص لـ"إسلام أون لاين.نت" أكد د.شاور أن مدارس اللغة العربية الأسبوعية التي يشرف على عملها اتحاد المنظمات الاجتماعية "أضحت من أهم وسائلنا للتعريف بالإسلام وإبراز صورته الحقيقية الخالية من أي تشويه، خاصة أن غالبية روادها من طلاب وأساتذة الجامعات الأوكرانية، وهم الذين يمثلون جيل المستقبل ونخبته في البلاد".
وأشار إلى أنها "أصبحت نواة أو محضنا لدعوة غير المسلمين بأوكرانيا؛ حيث يسلم العديد من روادها بعد التحاقهم بها خلال العام الدراسي أو في نهايته".
وأوضح د.شاور أن "أكثر رواد هذه المدارس من طلاب الجامعات، وخاصة كليات الاستشراق والثقافة واللغات، وهناك أيضا أساتذة جامعات من نفس الكليات ومن كليات تعليم الأجانب؛ حيث تأتي هذه الفئات للتعرف على لغة جديدة وحضارة أخرى".
وخص أساتذة الجامعات بالقول: إن "بعضهم جاء ليتعرف على الثقافة العربية من خلال هذه المدارس؛ لتساعده على التواصل والتفاهم مع الطلاب العرب الذين يدرسون بالجامعات الأوكرانية، وبعضهم كان يعمل خبيرا بدولة عربية، بينما البعض الآخر أتى ليتعرف على الإسلام".
ولفت إلى أن الشعب الأوكراني لا يعد عنصريا، واصفا إياه بأنه "شعب بسيط وطيب، ويرحب بكل الثقافات، ويشجع أبناءه على تعلم الثقافات المختلفة".
ووفقا لموقع الرائد الإعلامي على شبكة الإنترنت فإنه "على مدار سنوات نشاطها الثلاث عشرة الماضية ساهمت هذه المدارس في إزالة الشبهات المثارة حول الإسلام كدين تطرف وإرهاب يهضم حقوق الإنسان والمرأة من خلال الحوار والنقاش الدائمين بين المدرسين والطلاب، كما كانت سببا لاعتناق الإسلام من قبل أعداد كبيرة منهم".
45 مدرسة
وتوجد بأوكرانيا 45 مدرسة أسبوعية للغة العربية الدراسة فيها مجانية، 35 منها في مناطق تجمعات المسلمين بشبه جزيرة القرم (جنوبا) ومنطقة الدنباص (شرقا)، بينما 10 مدارس أخرى تتوزع على المدن الرئيسية بأوكرانيا، وفقا للدكتور شاور الذي أشار إلى أن "المدارس الـ35 الأولى يشكل المسلمون 90% من طلابها، بينما المدارس الـ10 الأخرى أكثر روادها من غير المسلمين".
وأوضح أنه "توجد 22 مدرسة في قرى شبه جزيرة القرم، و13 مدرسة في منطقة الدنباص، ومتوسط حضور الطلاب في كل مدرسة 20-25 طالبا، أكثرهم من المسلمين، أما المدرسة الرئيسية بمدينة سيمفروبل بالقرم فيحضرها 80 طالبا أغلبهم من غير المسلمين".
وتابع: "كما توجد مدرسة واحدة بالعاصمة الأوكرانية كييف، يدرس بها 250 طالبا، وفي مدينة خاركوف العاصمة السابقة، والتي تتواجد بها جالية مسلمة كبيرة، يوجد 3 مدارس يدرس بها 150 طالبا، بالإضافة لمدرسة للأطفال من سن 6 إلى 12 سنة بها نحو 70 طفلا".
وأردف: "كذلك توجد مدرسة واحدة في كل من مدن: أوديسا، وبلطافا، وزبروجيا، ولفوف، وفينيسا، وسومي، ودنيبروبتروفسك، ومتوسط رواد كل مدرسة 30 طالبا".
وعما إذا كانت هناك جهات أخرى تقوم بتدريس اللغة العربية لغير المسلمين بأوكرانيا أجاب: "حسب علمي توجد دورات في كل من مدينتي كييف وخاركوف، إلا أنها ليست على المستوى المطلوب".
550 خريجا
وحول عدد المنتظمين في هذه المدارس قال د.شاور إن إجمالي عدد الطلاب في الأعوام الدراسية الثلاثة يتراوح بين 2200-2300 طالب، موضحا: "يلتحق بالسنة الأولى ما بين 900 إلى 1000 طالب في كل عام، ويتناقص هذا العدد في السنة الثانية لنحو 700، ويتخرج في السنة الثالثة نحو 550 طالبا".
وأرجع تناقص الطلاب في السنوات التالية إلى أن "البعض يشارك في البداية من باب حب التعرف، وليس لديه نية الاستمرار، بينما هناك قلة من الطلاب قد لا يتقبلون تعلم المواد الإسلامية، وبعض الطلاب يلتحقون بالمدرسة ثم ينشغلون في وظائف تتضارب مواعيدها مع مواعيد المدرسة، وأخيرا هناك من يشعر بصعوبة استيعاب المنهج؛ وهو ما يؤدي به لعدم الاستمرار".
وأوضح أن "الدراسة تكون يوما واحدا أسبوعيا، يتلقى خلاله الطالب درسين في اللغة العربية، ودرس في الثقافة الشرقية، ودرس في العلوم الإسلامية".
ويذكر أن "مناهج اللغة العربية والثقافة الشرقية موحدة لكل المدارس، أما باقي المواد فمتروك الخيار لكل مركز إسلامي في كيفية تقديمها أو عدم طرح بعضها حسب واقع المدينة، وهذا بخصوص غير المسلمين، أما مدارس القرم والدنباص فتدرس فيها المواد الإسلامية من أول يوم؛ لأنهم مسلمون، ويكون التركيز على المواد الإسلامية أكثر من اللغة العربية"، بحسب د.شاور.
وعن المدرسين أوضح أنهم "جميعهم متطوعون من أبناء الجالية المسلمة، ويتم تأهيلهم من خلال دورات عن مهارات التدريس"، مضيفا: "ويقام حفل ختامي سنويا للخريجين في كل مركز أو مدينة على حدة، وغالبا ما يبقى الخريجون على تواصل مع المركز الإسلامي، ومنهم من يسلم، ومن لم يسلم يستمر في زيارة المكتبة الإسلامية، ويحضر الأنشطة المختلفة التي ينظمها المركز".
"عرفت الإسلام"
وفي تصريحات منفصلة لـ"إسلام أون لاين.نت" عبر عدد من رواد مدرسة اللغة العربية الأسبوعية التابعة للمركز الثقافي الإسلامي بمدينة خاركوف من غير المسلمين عن سعادتهم بالدراسة التي كانت سببا في تغيير نظرتهم السلبية عن الإسلام والمسلمين، على حد تعبيرهم.
إيرينا سلادكيخ، سكرتيرة ة شئون الطلبة بجامعة خاركوف الحكومية للبوليتيكنيك، والتي تدرس بالعام الثالث بالمدرسة، قالت: "كانت نظرتي حول الإسلام، والتي كنت أتلقاها من وسائل الإعلام المحلية والدولية، يشوبها الكثير من الشوائب، إلا أنه بعد انتظامي بالمدرسة تغيرت هذه النظرة"، مبدية رغبتها في استمرار تواصلها مع المدرسة بعد تخرجها فيها هذا العام.
من جهته، أعرب د.إيغور فلاسوف، اختصاصي الأمراض الباطنة بمستشفى خاركوف الحكومي والذي يدرس بالعام الثاني بالمدرسة، عن سعادته البالغة بمستوى التدريس، قائلا: "هذه المدرسة أشعرتني بأنني أصبحت قريبا من العالم العربي، وأنني عرفت الكثير عن الإسلام وخصائص المجتمع الإسلامي".
أما يولا بوندينا، معلمة اللغة اللاتينية بكلية الطب الحكومية، فأشارت إلى أنها "فوجئت بحقيقة الإسلام التي لم أكن أعرفها بصورتها الصافية الواضحة إلا بعد التحاقي بهذه المدرسة؛ ما دفعني لدعوة زميلتين لي للدراسة هنا".
فيكتوريا، الطالبة بالعام الدراسي الثالث بكلية الطب، أوضحت: "جئت إلى هذه المدرسة لملء الفراغ، والتعرف على الثقافة العربية؛ نظرا لوجود طلاب عرب بجامعتي، إلا أنني الآن أشعر بأن المدرسة أصبحت جزءا لا يتجزأ من حياتي، وأشعر بأنني أصبحت أقرب من أي وقت مضى للعالمين العربي والإسلامي".
الخبر كما ورد على موقع إسلام أون لاين (هنا)