تعتبر تجارة الملابس والحاجيات المستعملة "البالة" بمثابة تجارة العرب الأولى والأوسع انتشارا بينهم في شتى أرجاء مدن أوكرانيا، وذلك لعدم حاجتها إلى رؤوس أموال كبيرة بالمقارنة مع غيرها من أنواع التجارة الأخرى.
كما ويعتبر العرب أول من أدخل تجارة البالة إلى أوكرانيا في بدايات تسعينيات القرن الماضي بعد استقلال البلاد عام 1991م والانفتاح الذي شهدته على دول الغرب الأوروبي، ولا تزال حتى يومنا هذا ترتبط بهم ارتباطا وثيقا، لا يضره إقبال غيرهم على التجارة بها.
تنوع وإقبال
في حديث مع الرائد قال التاجر السوري الأصل ماهر طباخ (ويعتبر من أوائل من أدخل البالة إلى أسواق أوكرانيا) قال إن تجار البالة يستوردون معظم بضاعتهم من ألمانيا وفرنسا وسويسرا وبريطانيا، وهي تشمل جميع أنواع الملابس والأحذية والستائر وألعاب الأطفال وأدوات المطبخ والأدوات الكهربائية وغيرها، وتحظى بإقبال كبير من قبل شريحة الفقراء وذوي الدخل المحدود الواسعة في أوكرانيا، لجودتها ورخص أسعارها مقارنة مع غيرها في الأسواق والمحلات.
ملاذ للفسطينيين
ويشكل باعة البالة العرب نسبة تتراوح بين 70 – 80% من إجمالي باعتها في الأسواق والمحلات، ومعظمهم من الفلسطينيين الذي دفعتهم ظروف الوطن وحروبه إلى الاستقرار في أوكرانيا التي قدموا إليها بهدف الدراسة، وخاصة بعد أن شكلوا في أوكرانيا أسرا يصعب عليهم إدخالها إلى فلسطين بسبب التعقيدات التي تفرضها عليهم إسرائيل وسفارتها في العاصمة كييف، وخاصة إذا كانوا من سكان قطاع غزة – بحسب ما قاله بعضهم للرائد. فهم يجدون في مبلغ 20 – 30 دولارا التي يتقاضونها يوميا بالعملة المحلية (ما عدا أيام العطل) ملاذا يعينهم على استئجار البيوت والإنفاق على أنفسهم وأسرهم.
تداعيات الأزمة
وقد تأثرت تجارة البالة في أوكرانيا تأثرا مباشرا بتداعيات الأزمة المالية العالمية، خصوصا مع تراجع سعر صرف العملية المحلية (الغريفينة) إلى الدولار بنسبة تراوحت ولا تزال بين 70 – 90%.
وحول هذا قال التاجر الأردني الأصل غالب العتيبي للرائد: "حافظت أسواق ومحلات البالة على أسعار بضائعها بالعملية المحلية دون تغيير بعد الأزمة، لكن تراجع العملة المحلية أمام الدولار واليورو أثر سلبا على تجارة البالة التي نحاسب عليها الأطراف المصدرة لنا في دول أوروبا باليورو أو الدولار أو الجنيه الإسترليني، أي أن مردود البالة بالعملة المحلية أصبح قليلا جدا أمام متطلباتها المصدرين بالعملات الأخرى، وهذا ما سبب خسائر كبيرة لمعظم التجار، ودفع بعضهم لإعلان الإفلاس.
وأضاف أن الأزمة ألقت بظلالها أيضا على باعة البالة أيضا، حيث تراجع دخلهم اليومي الذي كان يتراوح بين 40 – 50 دولار قبل الأزمة، إلى ما يقارب 20 – 30 دولارا، في ظل ارتفاع غير مسبوق لمستويات تضخم الأسعار في البلاد.
مركز الرائد الإعلامي