أنت هنا
إضافة تعليق
برعاية من قبل اتحاد المنظمات الاجتماعية في أوكرانيا "الرائد"، احتضن المركز الثقافي الإسلامي في العاصمة كييف يوم السبت الماضي ندوة علمية فكرية حول تفشي ظاهرة العنصرية وكراهية الأجانب في أوكرانيا، وحقوق وواجبات الأجانب المقيمين على أراضيها.
شاركت في أعمال الندوة عدة مراكز ومنظمات حقوقية واجتماعية تعنى بالأقاليات وقضايا حقوق الإنسان في أوكرانيا، ومن أبرزها مركز التأثير الاجتماعي، الذي أطلق قبل أيام مشروع "بلاد حدود" لمكافحة العنصرية، وجمعية "معا والقانون" الحقوقية التي تنشط في مجال حقوق الأجانب.
كما حضر وشارك بأعمال الندوة ممثلون عن عدة جمعيات ومنظمات اجتماعية وطلابية تعنى بالأجانب من شتى أرجاء المدن.
جذور العنصرية
بين ممثلو المؤسسات المشاركة في الندوة (وهم من الخبراء الاجتماعيين والحقوقيين الناشطين في مجال مكافحة العنصرية) أن للفكر العنصري جذورا في أوكرانيا تمتد إلى منتصف القرن الماضي، لكنه لم يكن ظاهرا كما هو الآن لأنه كان أمرا مخزيا بالنسبة للمجتمع السوفييتي الذي رفع شعار "صداقة الشعوب"، ثم بدأ يظهر بشكل علني واضح بعد استقلال البلاد في تسعينيات القرن الماضي، وأخذ ينتشر بفعالية وخاصة بين فئة الشباب التي تعتبر أكبر الفئات تقبلا له وتجاوبا معه.
وعززت العنصرية في أوكرانيا من مكانتها بتشكيل عدة أحزاب ومنظمات اجتماعية تحمل أفكارا عنصرية وترفع شعارات عديدة في هذا الإطار، وفي مقدمتها (حزب الحرية – منظمة محبي الوطن "باتريوت" – جماعة حليقي الرؤوس).
تجاهل رسمي
وبين ممثلو المؤسسات المشاركة أيضا أن من الأسباب الرئيسية لانتشار العنصرية في البلاد هو التجاهل الرسمي الدائم لصيحات المحذرين منها، وسماحها بترخيص قيام أحزاب ومنظمات عنصرية، الأمر الذي يناقض الاتفاقية الأممية الموقعة في العام 1966.
وبينوا أيضا أن الجهات الرسمية كانت قبل العام 2006 تنكر أي وجود للعنصرية في البلاد، لكنها أجبرت على الاعتراف بوجودها بعد سلسة ضغوط خارجية (أوروبية)، وتفاقم ظاهرة الاعتداء على الأجانب في العديد من المدن، ولكنها لم تتخذ أي إجراء عملي صارم لمكافحتها رغم اعترافها بها.
ماكسيم بوتكيفيتش الناشط في مركز التأثير الاجتماعي ومدير مشروع "بلا حدود" قال في حديث مع الرائد: "يؤسفنا القول أننا نلمس تعتيما رسميا مقصودا على قضية انتشار العنصرية في أوكرانيا ودعما ماديا ومعنويا لبعض أحزابها ومنظماتها وجماعاتها من قبل بعض الجهات والشخصيات الحكومية - على حد قوله".
وأضاف: "لم يتمكن حزب "الحرية" العنصري من حصد أكثر من 1% من أصوات الناخبين في الانتخابات البرلمانية السابقة، ولكنه حصد 36% من الأصوات في انتخابات المجلس المحلي لمدينة ترنوبل ليفوز بها، وهذا مؤشر خطير يدل على أن شعبية الحزب في تزايد مستمر ومتسارع، والسبب في ذلك باعتقادي فقد الشعب الأوكراني الأمل بأن تتمكن حكومة البلاد وسلطاتها وأحزابها الشهيرة من إجراء أي تغيير إيجابي يخدم قضاياهم وينهي الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها.
وقال بوتكيفيتش أيضا: "الإحصاءات الرسمية تبين أن عدد المنتسبين إلى هذه الأحزاب والجماعات لا يتجاوز الألفين، لكن لدينا إحصائيات تؤكد أنهم يتجاوزن 8 آلاف، وأن مؤيديهم يتجاوزون 25 ألفا، وهذه أرقام خطيرة تستدعي تحركا جادا لكبحها، وإلا فإن الظاهرة ستتفاقم كما حدث في روسيا.
حقوق الأجانب
كما تضمنت الندوة في يومها الثاني استعراضا مفصلا للعديد من القوانين المتعلقة بحقوق الأجانب المقيمين على الأراضي الأوكراني بغرض العمل أو الدراسة أو اللجوء أو حتى السياحة، وتضمنت أيضا واجبات ودور الأجانب تجاه العنصرية، وخاصة عند التعرض لإحدى مظاهرها، كتقديم ومتابعة الشكاوى وإعلام المؤسسات الحقوقية المعنية، وعدم القيام بردود فعل انتقامية.
وقالت كسينيا بروكونوفا محامية مشروع "بلا حدود" للرائد: "يجب على الأجنبي أن يعرف حقوقه في القانون الأوكراني، لأن العنصرية تنتشر أيضا بين الشرطة بشكل واسع، وعليهم أن يساهموا في مكافحة العنصرية لأنهم أكثر المعنيين بها، لا نريد أن يسكت عن الاعتداءات التي يتعرض لها الأجانب (كما يفعل العرب)، ولا نريد ردود فعل غاضبة تزيد الأمر سوءا (كما فعل الشيشانيون في روسيا)، بل تعاونا حكيما يقضي على أصل ومسببات هذه الاعتداءات، وهو الفكر العنصري.
وتضمنت أيضا استعراضا مسموعا ومرئيا لبعض الاعتداءات التي تعرض لها بعض الأجانب في كييف، ورصدتها كمرات مراقبة الأبنية المجاورة، وشرحا لتفاصيل الاعتداءات وبعض طرق التعامل معها.
ثم وزعت على الحاضرين مئات الكتيبات المتعلقة بالعنصرية في أوكرانيا، وأبز المؤسسات الاجتماعية الحقوقية المنتشرة في مدنها.
يذكر أن دراسة سابقة أعدها مركز الدراسات والبحوث الاجتماعية في العاصمة كييف قد بينت أن أكثر من 70% من الأوكرانيين يرفضون وجود أجانب على الأراضي الأوكرانية، وقلة لا تتجاوز 10% تؤيده.
ويذكر أيضا أن من أبز مطالب العنصريين (ويتخذ معظمهم من الزعيم النازي هتلر قدوة لهم) "تطهير" أوكرانيا من كل من يخالفهم بالجنسية واللغة والدين والشكل، لتبقى أرضا لعرق السلافيان الأبيض المسيحي الأرثوذوكسي، ومن وسائلهم المتبعة الاعتداء على الأجانب بالضرب أو القتل لإخافتهم ودفعهم للمغادرة.
مركز الرائد الإعلامي
أحدث التعليقات