أنت هنا
إضافة تعليق
في مبادرة فريدة وغير مسبوقة، أقام مسلمو أوكرانيا مخيما خاصا لنحو ثلاثين مستشرقا وعالما وأستاذا للعلوم الدينية والفلسفية في مختلف المدن الأوكرانية، وذلك في إقليم شبه جزيرة القرم جنوبي البلاد، في الفترة 10 - 15 يوليو/تموز الجاري.
دعا إلى المخيم اتحاد المنظمات الاجتماعية "الرائد" -وهو أكبر مؤسسة تعنى بشؤون الإسلام والمسلمين في أوكرانيا- وشارك فيه كل من الإدارة الدينية لمسلمي أوكرانيا والإدارة الدينية لمسلمي القرم.
وبحسب الداعين والمنظمين، فقد هدف المخيم إلى تصحيح بعض المفاهيم "المغلوطة والخاطئة" عن الإسلام والمسلمين في العالم وأوكرانيا لدى الشريحة "الأكثر اهتماما وتعمقا" في هذا المجال.
وقد اختير القرم مكانا للمخيم، لأن فيه أكبر تجمع للمسلمين في أوكرانيا، حيث يسكنه نحو 500 ألف تتري مسلم من أصل نحو مليوني مسلم في مختلف أرجاء البلاد (5% من إجمالي عدد السكان)، كما أن فيه الكثير من الآثار ومظاهر الحياة الإسلامية، ولا سيما أنه كان ولاية تتبع لدولة الخلافة العثمانية في أجزائها الشمالية.
وتنوعت فقرات برنامج المخيم بين سماع محاضرات ومشاهدة أفلام تاريخية وثائقية عن الإسلام وتاريخ الوجود الإسلامي في أوكرانيا والغرب، كما تضمنت زيارات لعدة معالم تاريخية إسلامية في الإقليم، وعيشا مشتركا مع عدة رموز دينية وأسر مسلمة.
تنوير النخبة
وعن البرنامج أشار د. باسل مرعي رئيس اتحاد "الرائد" في حديث مع الجزيرة نت إلى أنه يأتي ضمن مشروع "تنوير النخبة" الذي أطلقه الاتحاد من عدة سنوات، ليستهدف النخبة المثقفة المؤثرة في أوكرانيا والمعلومات، كالعلماء وأساتذة الجامعات والمعاهد والمدارس، وكذلك الموظفين في المؤسسات الحكومية المعنية من أجل تصحيح المفاهيم.
أبرز المحاضرات والأفلام التي قدمت للمشاركين في المخيم تعريفا بأركان الإسلام والإيمان، وجوانب من السيرة النبوية وحياة بعض الصحابة، وأبرز المذاهب والتيارات الدينية الموجودة.
كما قُدم في المخيم فيلم حكا عن تاريخ التتار الممتد في القرم، ومأساة تهجيرهم القسري في العام 1944 بدعوى الخيانة، التي برئوا لاحقا منها من قبل البرلمان السوفياتي، وآثار المأساة التي لحقت بأعدادهم وثقافتهم وهويتهم ولغتهم، والتي لا تزال حاضرة في حياتهم حتى اليوم.
وضمن برنامج المخيم قضى المشاركون عدة ساعات في ضيافة أسر تترية مسلمة، وزاروا عدة مساجد أثرية، من أبرزها مسجد مدينة "بخش سراي" وهي تسمية تترية تعني "قصر الحدائق"، التي كانت عاصمة لولاية القرم، وفي مسجدها الذي كان مركز حكم الوالي.
نقاشات وآراء
وقد تخلل برنامج المخيم أيضا جلسات حوار يومية، ناقش خلالها المشاركون مع أئمة ورموز إسلامية عدة قضايا ومواضيع، عكست بشكل واضح حجم الشبهات والمفاهيم الخاطئة عن الإسلام لديهم.
يقول الشيخ سعيد إسماعيلوف مفتي الإدارة الدينية لمسلمي أوكرانيا "بينّا للمشاركين والمشاركات أن الواقع مختلف، ومن ذلك أن الإسلام دين رحمة للعالمين لا دين إرهاب، ويسر لا تشدد وعسر، كما أن الصحابة ليسوا قديسين كما في الدين المسيحي".
وتقول أولها فرينداك رئيسة قسم العلاقات في اتحاد "الرائد" إن عددا من المشاركين كانوا يعتقدون أن المرأة في الإسلام مقيدة ومنتهكة الحقوق، لا تملك أي حريات إلا تلك التي يمن الرجل بها عليها.
وتصف آنّا بارخومينكو -أستاذة العلوم الدينية في جامعة مدينة دونيتسك الوطنية شرقي أوكرانيا- للجزيرة نت انطباعها عن مشاركتها، فتقول إنها ذهلت لاختلاف الكثير من معلوماتها السابقة عن تلك التي حصلت عليها في المخيم، وإن الكثير من الأمور باتت بالنسبة لها أكثر وضوحا، خاصة تلك المتعلقة بالتتار.
لمس الواقع
وفي حديث مع يانا كوروبكو -وهي مستشرقة تعمل كممثلة لمنظمة اليونسكو في كل من العاصمة الفرنسية باريس والأوكرانية كييف- أشارت للجزيرة نت إلى أن أول من أسس مدرسة لعلم الاستشراق في أوكرانيا هو العالم أغاتانغل كريمسكي في بدايات القرن الماضي، لكنه نفي من قبل السلطات السوفياتية التي فشلت في تسخير مدرسته لإعداد مخبرين ودبلوماسيين.
وقالت إنها تشجع فكرة المخيم وأية فعاليات ثقافية مشابهة، "لأنها توضح الرؤية، وتعزز التعايش بين المسلمين وغيرهم، خاصة في المجتمع الأوكراني، حيث يعتبر المسلمون من سكان البلاد الأصليين".
وأضافت ناصحة "من المهم جدا بالنسبة للمستشرقين أن يسافروا إلى أماكن عيش المسلمين في القرم أو الدول العربية والإسلامية، للإطلاع عن قرب ولمس واقعهم، وألا يعتمدوا على مصادر وكتب قد تحمل كثيرا من التشويه والنقص".
المادة كما وردت على موقع الجزيرة نت (هنا).
أحدث التعليقات