أنت هنا
إضافة تعليق
يعد الحفاظ على الهوية الإسلامية من الذوبان السلبي في المجتمع من أبرز الهواجس التي تؤرق مسلمي أوكرانيا البالغ عددهم نحو مليوني نسمة من إجمالي تعداد السكان البالغ قرابة 46 مليونا، وكذلك عشرات الألوف من أبناء الجاليتين العربية والإسلامية المقيمة على أراضيها.
ويتعاظم هذا الهاجس في ظل غياب المؤسسات التعليمية والدينية الخاصة بالمسلمين، أو ندرتها في الأماكن التي تكثر فيها أعداد المسلمين، وخاصة في إقليم شبه جزيرة القرم جنوبا الذي يعيش فيها نحو 500 ألف مسلم تتري، وإقليم الدونباس شرقا (نحو 100 ألف)، والعاصمة كييف (نحو 70 ألفا).
إمكانيات محدودة
ويجد مسلمو أوكرانيا في عطلة يومي السبت والأحد الأسبوعية في المراكز الإسلامية والجمعيات الاجتماعية الثقافية الإسلامية ملاذا لهم وأبنائهم يربطهم باللغة والهوية، وكذلك في المخيمات الصيفية والبرامج الرمضانية ومناسبات الأعياد، التي تنظمها عدة مؤسسات، من أبرزها اتحاد المنظمات الاجتماعية "الرائد" الذي يعتبر أكبر مؤسسة تُعنى بالإسلام والمسلمين في أوكرانيا.
وقال د. شادي شاور رئيس القسم الثقافي في الاتحاد، وهو القسم الذي يشرف على المدارس والمخيمات والبرامج الرمضانية لـ"إسلام أون لاين": "نحن نطمح ونسعى بالتعاون مع أهل الخير والإحسان في أوكرانيا وخارجها إلى وجود مؤسسات تعليمية رسمية يومية خاصة بمسلمي أوكرانيا، وخاصة في الأقاليم والمدن التي يعظم فيها تعدادهم".
وأضاف: "الإمكانيات الموجودة لدينا لا تلبي الحاجة المطلوبة، وإن كانت كبيرة الفائدة، فأثر المجتمع المحيط بمفاتنه عظيم وبارز، وخاصة على تربية الأبناء الذين يدرسون في مدارس لا تأخذ بعين الاعتبار خصوصية المسلمين في المناهج والتعامل والاختلاط وحتى الطعام".
وأشار في هذا السياق إلى وجود 15 مدرسة قومية خاصة بتتار القرم جنوب أوكرانيا، لكنها قليلة بالنسبة لنحو 40 ألف طالب، وتفتقر إلى المناهج الإسلامية، والإمكانيات المادية بالنسبة لبعضها محدودة، مما يجبر الكثير من الآباء على تسجيل أبنائهم في مدارس أوكرانية أكثر صحية ومثالية.
إحياء الهوية
إلا أن إحياء الهوية يعتبر أولوية قبل الحفاظ عليها في إقليم الدونباس شرق أوكرانيا، حيث يعيش نحو 100 ألف نسمة من تتار (كازان) المسلمين، وذلك نتيجة لما خلفته سنوات القرن الماضي من قطع صلة بينهم وبين هويتهم وثقافتهم التترية الإسلامية.
يقول الشيخ سعيد إسماعيلوف مفتي الإدارة الدينية لمسلمي أوكرانيا (أمّة) لـ"إسلام أون لاين" إن وجود تتار كازان في الدونباس يعود إلى نهاية القرن التاسع عشر، حيث قدموا إليه من أواسط روسيا للعمل في مناجمه ومصانعه المختلفة، وكانت أعدادهم تقدر آنذاك بنحو 400 ألف نسمة.
وأشار إسماعيلوف إلى أنه كانت لدى التتار مساجدهم ومدارسهم الخاصة، لكن النظام السوفيتي هدم بقيامه المساجد وأغلق المدارس، فلم يستطيعوا ممارسة تعاليم دينهم والحفاظ على ثقافتهم.
وقال إنه كان لدى النظام السوفيتي برنامج لفصل المواطنين عن انتماءاتهم العرقية والدينية، فشجعوا زواج التتار من غيرهم، وخاصة من غير المسلمين، كما شجعوا تسمية المواليد بأسماء روسية، الأمر الذي أدى إلى ذوبانهم سلبا في المجتمع وتراجع أعدادهم إلى ما يقارب 100 ألف نسمة.
وأشار إلى أن العشرات من التتار يعتنقون الإسلام لفتح صفحة جديدة في حياته التي قضاها بعيدا عن الدين، كما أن بعضهم يعتنقه لأنهم كانوا يمارسون تعاليم المسيحية جهلا بأصولهم الإسلامية.
فعاليات دعوية
وفي إطار التعامل مع واقع مسلمي الدونباس يلفت الانتباه أن معظم الفعاليات والنشاطات التي يقيمها "الرائد" بالتعاون مع "أمة" تأخذ طابعا دعويا أكثر من الطابع التعليمي الثقافي.
يقول د. حمزة عيسى رئيس فرع اتحاد "الرائد" في الدونباس لـ"إسلام أون لاين": "ننظم على سبيل المثال حملات ونقيم دورات تعريفية بالإسلام والرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم- في عموم مدن وقرى الإقليم، وخاصة في تلك التي يوجد فيها مسلمون بالشكل أو الأصل، كما أطلقنا حملة لتسمية المواليد باسم محمد".
وقال "بالرغم من سنوات طمس الهوية في القرن الماضي إلا أننا نشعر بالتفاؤل، فكل تتري -يسلم أو يلتزم- يتحول إلى داعية بين أهله وأصدقائه، وهذا واقع مبشر".
الخبر كما ورد على موقع إسلام أون لاين (هنا)
أحدث التعليقات