أنت هنا
إضافة تعليق
تعتبر المدارس القومية التترية ملاذا لحفظ اللغة التترية والهوية الإسلامية بالنسبة لأبناء مسلمي تتار إقليم شبه جزيرة القرم جنوب أوكرانيا، الذين يبلغ تعدادهم فيه نحو 500 ألف نسمة، ففيها تدرس اللغة التترية كلغة أساسية إلى جانب الأوكرانية، كما يدرس تاريخ الوجود التتري في الإقليم، الذي يرتبط ارتباطا وثيقا بالإسلام وبدولة الخلافة العثمانية التي كان القرم أحد ولاياتها.
إلا أن كثيرا من التحديات والصعوبات تعيق مهمة هذه المدارس في الإقليم، ابتداء من قلة أعدادها وضعف قدرتها الاستيعابية، وانتهاء بضعف إمكانياتها المادية (لطباعة الكتب وشراء أجهزة حديثة وترميم المباني).
يبلغ عدد هذه المدارس 15 مدرسة فقط، موزعة في شتى أرجاء مدن الإقليم، وهي غالبا ما تكون صغيرة من طابق واحد أو طابقين، يحتوي كل واحد منهما على عدد من الصفوف الدراسية لا يتجاوز العشرة، الأمر الذي يحد من قدراتها الاستيعابية، وتعاني معظم هذه المدارس من ضعف الإمكانيات المادية وقلة الدعم الحكومي الرسمي لها، الأمر الذي ينعكس سلبا على كم ونوعية ما لديها من كتب وأجهزة حاسوب، ويمنعها من إجراء إصلاحات ترميمية لمبانيها القديمة، التي بني معظمها في أواسط القرن الماضي، مما يدفع بالكثير من التتار إلى تسجيل أبنائهم في مدارس أخرى.
في حديث مع مركز الرائد الإعلامي قالت زلفيا عبد الحكيموفا مديرة إحدى المدارس القومية التترية: "بعد استقلال البلاد في العام 1991 فرض التتار العائدون من المهجر على الدولة منحهم عدة مدارس خاصة لكي يدرس فيها أبناؤهم، تماما كما فعلت باقي الأعراق والقوميات التي كانت تسكن الإقليم وفي مقدمتها الروس، إلا أن ازدياد أعداد التتار بعد عودتهم إلى الوطن خلال السنوات الماضية أظهر الحاجة إلى وجود مزيد من هذه المدارس الخاصة".
وأضافت: "يلجأ التتار في بعض القرى النائية إلى بناء مدارس صغيرة أشبه بالمنازل على نفقاتهم الشخصية لتعليم الأبناء بسبب صعوبة إرسالهم إلى المناطق التي تتواجد فيها المدارس الكبيرة".
وأضافت: "نعتقد أن الفساد (في حكومتي كييف والقرم) وراء ضعف الإمكانيات المادية للمدارس، ثم إنه ما من جهات خارجية تدعمها، كما تدعم روسيا المدارس الروسية في القرم مثلا".
وأشارت في هذا الصدد إلى أن المدارس تلجأ في كثير من الأحيان إلى تصوير ما لديها من كتب (XSEROX) وتوزيعها على الطلاب وتعتمد على ما يقدمه اتحاد المنظمات الاجتماعية "الرائد" (أكبر مؤسسة رسمية تعنى بالأقليات المسلمة في أوكرانيا) من مساعدات وكتب تربية دينية إسلامية، وأنه في مدرستها التي تستوعب نحو 150 طالب يوجد جهاز حاسوب واحد حجم قرصه الصلب 4 غيغا فقط، وذاكرته 128 ميغا، وأن القبو (الذي من المفروض أن يكون قاعة رياضية) مغلق لانتشار الرطوبة في جدرانه بسبب تسربات مياه الأمطار.
ترميم وإعادة تهيئة
هذا وقد أطلق اتحاد "الرائد" بدعم من قبل بنك التنمية الإسلامية في المملكة العربية السعودية مشروعا ضخما لترميم أبنية أكثر المدارس التترية حاجة، وتزويدها بما تحتاج إليه من أجهزة كمبيوتر ومعدات رياضية وطاولات ... إلخ.
وعن هذا المشروع قال د. إسماعيل القاضي رئيس الاتحاد: "يهدف المشروع إلى تفعيل دور هذه دور المدارس في حفظ اللغة التترية وحصانة الهوية الإسلامية بين صفوف الطلاب التتار، ويتضمن إجراء ترميمات خارجية وداخلية شاملة للمباني وتزويدها بما تحتاجه من أثاث وأجهزة ومعدات تعليمية ورياضية ومعلوماتية حديثة ومتطورة تلبي متطلبات العصر وغير ذلك من أمور تسهم في رفع مستوى التحصيل العلمي للطلاب، سائلين المولى تعالى أن يوفقنا لما يساهم بالنهوض بالمستوى الثقافي والديني بالنسبة لمسلمي القرم وأوكرانيا، وأن يأجر كل من ساهم ويساهم في هذا المشروع، وفي مقدمتهم البنك الإسلامية للتنمية في السعودية ومقره مدينة جدة".
يذكر أن تعداد مسلمي تتار القرم يبلغ نحو 500 ألف نسمة، مشكلين نسبة تقارب 18% من إجمالي عدد سكان الإقليم، الذي يسكنه الروس (40%)، والأوكران (30%)، بالإضافة إلى عدة قوميات وأعراق أخرى.
الخبر كما ورد على موقع شبكة الإعلام العربية "محيط" (هنا)
أحدث التعليقات